مصدر الصورة: gigazine.net/gsc_news

كيف تصنع الخلايا السرطانية حمض اللاكتيك للبقاء على قيد الحياة – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

How cancer cells make lactic acid to survive
(Anne Sliper Midling – بقلم: آن سليبر ميدلينج)

ملخص المقالة:

بعد أكثر من 13 عامًا من العمل، تمكن فريق من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا من احداث اختراق علمي باكتشاف كيف تقوم الخلايا السرطانية بإعادة برمجة نفسها بواسطة بروتين پي آر إل-3 (PRL-3) لإنتاج حمض اللاكتيك، وذلك لتحمل البيئة الحمضية الموجودة حول الأورام. ويمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى اتجاه جديد تمامًا لعلاج السرطان.

 ( المقالة )

أظهر الباحثون لأول مرة كيف تقوم الخلايا السرطانية بإعادة برمجة نفسها لإنتاج حمض اللاكتيك [١] ولتحمل البيئة الحمضية الموجودة حول الأورام. ويمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى اتجاه جديد تمامًا لعلاج السرطان. وكان هذا الاختراق هو نتيجة أكثر من 13 عامًا من العمل. ويمكن أن تؤدي الخطوة التالية في البحث إلى إعادة توجيه علاج السرطان تمامًا.

تُظهر هذه الصورة المجهرية خليتين سرطانيتين من مريض مصاب بسرطان نخاع  العظم. يبلغ قطر الخلايا 1/100 ملليمتر.  المصدر: ماغني بورسيت/  الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا

ويكمن تفسير النتائج الجديدة في شيء ربما تكون قد مررت به بنفسك: عندما تركض أو تقود الدراجة بسرعة، قد تفقد فجأة قوة في ساقيك، وتشعر بالثقل والضعف. اذ يتسبب تراكم حمض اللاكتيك في غمر عضلاتك بمخلفات الفضلات. وينتج الجسم حمض اللاكتيك عندما يعمل بجهد أكبر ويحتاج إلى طاقة أكثر مما تستطيع الرئتان تزويده بالأكسجين. وبعد التمرين، تلهث بحثًا عن الهواء، ويكون جسمك قادرًا على إزالة حمض اللاكتيك بمساعدة الأكسجين.

يجب أن تعمل الخلايا السرطانية حتى بدون الكثير من الأكسجين

الأكسجين مهم عندما يحتاج الجسم إلى تحويل السكر إلى طاقة. وتنتج خلايا العضلات على وجه الخصوص حمض اللاكتيك، لكن الخلايا السرطانية التي تتكون في الخلايا السليمة في الجسم تبدأ أيضًا في إنتاج حمض اللاكتيك.

ولا تتمتع الخلايا السرطانية عادة بهذه القدرة حتى يدخل السرطان بالضبط نفس الخلايا. وتمامًا مثل خلايا العضلات، يجب أن تكون الخلايا السرطانية قادرة على العمل حتى عندما لا يتوفر الكثير من الأكسجين. فالمنطقة المحيطة بالأورام حمضية وتحتوي على القليل من الأكسجين.

ومن أجل البقاء على قيد الحياة في مثل هذه البيئة، يجب أن تكون الخلايا قادرة على النمو عندما يتوفر القليل من الأكسجين – أي في ظروف تشبه إلى حد بعيد عندما تنتج خلية عضلية حمض اللاكتيك.

بروتين محدد جدا وراء كل ذلك

لأكثر من مائة عام، عرفنا أن الخلايا السرطانية تفضل تكسير السكر إلى حمض اللاكتيك، لكن لم تتم دراسة كيفية إعادة برمجة نفسها بعناية. واكتشف بورست وفريق البحث بعد دراساتهم التجريبية كيف تكتسب الخلايا السرطانية فجأة القدرة على إنتاج حمض اللاكتيك.

ونشر الباحثان بيغاه عبداللهي وايستن فاندسيمب في مجموعة بورسيت البحثية وزملاؤهما مؤخرا مقالين تبين أن البروتين پي آر إل-3  (PRL-3) يعيد برمجة الخلايا لتفضل حامض اللاكتيك على حد سواء عندما يكون قليل أو كثير من الأكسجين متاحًا.

ويقول بورست: “لقد عرفنا منذ فترة طويلة أن بروتين پي آر إل-3 يظهر في الخلايا السرطانية، بينما يوجد في الخلايا السليمة بشكل رئيسي في الخلايا العضلية. وبدأنا الآن نفهم سبب ازدهار الخلايا السرطانية بشكل جيد من خلال صنع هذا البروتين. إنه ببساطة مفتاح لها”.

يحمي الخلايا السرطانية من الحمض

في نفس وقت اكتشاف الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا تقريبًا، أظهرت مجموعة بحثية يابانية أن بروتين پي آر إل-3 يحمي الخلايا من البيئات الحمضية.

وتظهر النتائج المجمعة أن بروتين پي آر إل-3 يعيد برمجة الخلايا على وجه التحديد لتحمل الظروف التي غالبًا ما توجد في الأورام السرطانية وحولها. والهدف الآن هو إيقاف تشغيل الجزيء الذي يسمح للخلايا بإعادة برمجة نفسها.

استخدام جزيء لإيقاف الآخر

طور الباحث جون لازو في جامعة فيرجينيا بالولايات المتحدة جزيئًا ثبت في دراساته أنه يعطل بروتين پي آر إل-3.

ويقول بورست: “نريد اختبار المثبطات التي يطورها لازو وتطويرها أكثر هنا في النرويج. المثبطات هي جزيئات كيميائية ترتبط بالجزيء الذي تريد إيقاف تشغيله”. وبالإضافة إلى اختبار المثبطات، يريد فريق البحث معرفة كيفية تصرف بروتين پي آر إل-3 في الخلايا الطبيعية في الجسم.

آلية مهمة محتملة للجهاز العضلي

يقول بورست: “الشيء المثير هنا هو أن الجزيء موجود بشكل رئيسي في خلايا العضلات. من الممكن تصور أننا نستفيد من بروتين پي آر إل-3 عندما ننتج طاقة للتشغيل بسرعة. لم يختبر أحد ما إذا كان الجزيء يجعلنا أفضل في الجري”.

ولمعرفة ما إذا كانت هذه هي الحالة، سيتعاون باحثون من مجموعة بورست بعد ذلك مع باحثين من مجموعة البروفيسور أولريك ويسلوف لأبحاث تمارين القلب في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا. وسيقومون بدراسة الفئران التي تم تعديلها وراثيا لتفتقر إلى بروتين پي آر إل-3 لمعرفة ما إذا كانت تتحمل التمارين اللاهوائية بشكل أقل جودة من الفئران التي تحتفظ بجين بروتين پي آر إل-3. ويقول البروفيسور بورست: “يمكن أن نكون على درب آلية بيولوجية مهمة لعضلاتنا”.

وقد نُشِر بحث مجموعة بورست في أهمية بروتين پي آر إل-3 لعملية التمثيل الغذائي في سرطان الخلايا في مجلة “فيدرالية الجمعية الأمريكية لعلم الأحياء التجريبي” (Federation of American Society for Experimental Biology – FASEB) ومجلة “فيدرالية الجمعيات الحيوية الكيميائية الأوروبية” (Federation of the European Biochemical Societies – FEBS).

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://phys.org/news/2021-08-cancer-cells-lactic-acid-survive.html

لمزيد من المعلومات:

بيغاه عبداللهي وآخرون، Phosphatase of regenerating liver‐3 regulates cancer cell metabolism in multiple myeloma, The FASEB Journal (2021).  DOI: 10.1096/fj.202001920RR

ايستن نيموين فاندسيمب وآخرون، PRL‐3 induces a positive signaling circuit between glycolysis and activation of STAT1/2, The FEBS Journal (2021).  DOI: 10.1111/febs.16058

الهوامش:

[١] حمض اللاكتيك أو حمض اللبنيك أو حمض اللبن هو مركب حيوي مهم يدخل في العديد من العمليات الكيميائية الحيوية، أثناء الأيض مثلا. وهو يصنف كيميائياً على أنه حمض كربوكسيلي له الصيغة (C2H4OHCOOH) وينتج في العضلات عند الحركة، حيث تحرق الخلايا العضلية الجلوكوز. ويكيبيديا.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *