مصدر الصورة: kensyusozai.com

كيف ينبثق القادة وأصحاب النفوذ؟ – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

How do leaders and influencers emerge?
(الجامعة التكنولوجية في سيدني – استراليا)

بحث جديد أجراه الاستاذ المشارك في الاقتصاد ديفيد غولدباوم (Goldbaum) من الجامعة التكنولوجية في سيدني الاسترالية يفيد بأن القادة المؤَثِّرين (أصحاب النفوذ) ينبثقون من عملية اجتماعية تطورية لها علاقة أقل بالمهارات والمواهب مما قد نعتقد.

نحن نعتقد أن القادة والمؤثرين (أصحاب النفوذ) مشرَّبون بمهارات ومميزات خاصة – سواء أكانت ميزات فطرية أم اُكتسبت بشق الأنفس – تدفعهم إلى النجاح والمكانة الاجتماعية العالية والعوائد المالية. كتب المساعدة الذاتية (واسمى أيضًا بكتب التطوير الذاتي، راجع 1) بشأن كيف تبني المهارات القيادية مستفيضة.

ومع ذلك، فإن البحث الجديد الذي صاغ نموذجًا لتطور الشبكات الاجتماعية يفيد بآن انبثاق القائد لا يتعلق بالمهارات والمواهب الفردية، وإنما يتعلق بنحو  أكثر بعملية اجتماعية ديناميكية ذاتية التعزيز (تعزز ذاتها بذاتها) – وهي عملية مدفوعة بغريزتنا لمسايرة من حولنا، وكذلك السعي للتأثير على غيرنا.

النمذجة الكمبيوترية التي  طورها الاستاذ المساعد في الاقتصاد ديفيد غولدباوم من كلية الاقتصاد في الجامعة التكنولوجية في سيدني (UTS Business School) تفيد أنه حتى عندما يكون لدى كل فرد، في مجموعة ما، نفس الخصائص تمامًا، فلا بد أن يخرج قائد من هذه المجموعة. نُشرت دراسة  أصول التأثير (The origins of influence) (انظر 2) مؤخرًا في مجلة النمذجة الاقتصادية (Economic Modelling).

“تفيد النتائج إلى أن وجهة نظرنا عن القيادة مبالغ في تمجيدها. الدراسة تدعو إلى إعادة التفكير في فكرة أن من يكتسب منصبًا قياديًا من خلال عملية تنافسية هو بالضرورة بها جدير (قمين) بها. هذا صحيح بشكل خاص في المجالات غير الموضوعية كالفن أو الموسيقى أو السياسة أو الموضة”، كما قال الأستاذ المساعد غولدباوم.

“القائد هو شخص لديه أتباع – قد يسيطر عليهم (يتحكم فيهم / له نفوذ عليهم) بصورة مباشرة أو يسيطر عليهم بشكل غير مباشر. كان هدفي هو صياغة نموذج يزيل أي خصائص فريدة حتى أعرف ما إذا سينبثق القائد علي كل حال”، كما قال غولدباوم.

لإجراء التحليل، طور الأستاذ المساعد غولدباوم محاكاة كومبيوترية مليئة “بوكلاء” (لتعريف الوكلاء، راجع 3) متماثلة تستخدم جميعها نفس قواعد السلوك للتحكم في قراراتها [المترجم: بما أن كلمة وكلاء تتعلق بالنمذجة الكمبيوترية وتمثل كيانات، اخترنا ان نعاملها نحويًا معاملة غير العاقل].

قد تختار الوكلاء إما التصرف بشكل مستقل أو تقليد بعضها البعض. لم تتمكن من القيام بحملة ترويج أو إقناع الوكلاء الأخرى ولكنها تُكافأ على فعل ما هو شعبي ومحبوب وتتلقى علاوة على تقدمها في المنافسة.

الأستاذ المشارك غولدباوم ترك المحاكاة تعمل لآلاف المرات ليرى ما سيحدث. في البداية كانت تصرفات الوكلاء عشوائية وغير منسقة، ولكن بمرور الزمن، استجابت الوكلاء للمكافآت، وتعلمت التنسيق بينها وبدأت في التنظيم، وانبثق قائد من هذه العملية.

مع أن النموذج كان صارمًا – ولكن في العالم الحقيقي، هناك العديد من المفاوضات الجارية – فقد كُشف أنه قد تكون فكرة من هو القائد أقل أهمية من حقيقة أن المجموعة تقبل أن شخصًا واحدًا سيربح أكثر من البقية ويقوم بمساندتها ودعمها.

“كيف تصبح القائد المحتمل هو أن تراكم نفوذًا (تأثيرًا) رويدً رويدًا، وبينما أنت تراكم ذلك التأثير (النفوذ)، آخرون سيرون هذه الشعبية ويقررون الانضمام إلى المجموعة. إنها عملية ذاتية التعزيز – أي كتأثير كرة الثلج (4)، كما قال الأستاذ المشارك غولدباوم.

يستفيد المؤثرون (أصحاب النفوذ) من نظام يكافئ النجاح المبكر في اكتساب المتابعين.

“نعتبر القادة كأشخاص فائزين / رابحين – كما لو كانت هناك دوري رياضي (بطولة)، وكانوا الأفضل هي هذه البطولة. المحاكاة الكمبيوترية تشبه هذه البطولة – لأن شخصًا ما انبثق منها كقائد – لكنه لم يفعل شيئًا مميزًا. فقط استفاد من نظام يكافئ النجاح الأول (المبكر) في اكتساب المتابعين.

أولئك الذين يرغبون في أن يصبحوا قادة وأصحاب نفوذ سيبذلون جهدهم لمعرفة طبيعة اللعبة الشعبية التي يلعبونها، بدلاً من التركيز على  السمات الفردية. كما قال الأستاذ المساعد ديفيد غولدباوم

النتائج تساعدنا أيضًا في تفسير لماذا ينبثق قادة في مجموعة ما. رغبتنا في المسايرة والمتابعة تجعل المجتمع يقوم باداء وظائفه بشكل أكثر سلاسة وقابلة للتنبؤ بها – على سبيل المثال، سيكون كل شيء فوضوي لو وضعَ كلُ واحد قواعده الخاصة به. ولكن القائد يساعد في هذه العملية بتنسيق عمل الجميع.

وبينما يستفيد جميع السكان من ظهور قائد بينهم ، فإن الأتباع الأوائل هم الأكثر استفادة. من خلال تصرفاتهم ، يؤثر الأتباع الأوائل على التطور الاجتماعي، مما يغير مسار ما يحدث.

على سبيل المثال، الدعم المبكر الذي يقدمه مروّج الموسيقى لفرقة جديدة يساعد الفرقة على كسب المزيد من المعجبين (المشاهدين / المستمعين) ، مما يحقق نجاحًا ماليًا كبير لكليهما. أو يقوم جامع  اللوحات الفنية الذي يجمع الفن الطليعي بإبراز بروفايل الفنان، بحيث تلتفت اليه المتاحف وصالات العرض، مما يزيد من قيمة فنه.

المعرض الفني الذي يجمع الفن الطليعي يبرز بروفايل الفنان.

تعديل النموذج لأخذ الاختلافات الفردية في الحسبان تثبت أنه من الممكن أن يكون هناك بعض التأثير على النتيجة. يتمتع الوكيل الذي يتميز بشبكة اجتماعية أكبر من غيره في البداية بفرصة أكبر في أن يصبح قائدًا، ولكن لا يوجد ضمان للنجاح. في بعض الأحيان، الوكيل الذي لديه روابط أقل يظهر كقائد علي الرغم من ذلك.

النموذج يثبت أنه في حين أن المهارة أو المعرفة أو الصفات القيادية هي عوامل محتملة لكي يصبح المرء قائدًا، فإن مجرد كون المرء قائدًا لا يعني أنه يمتلك تلك الخصائص. يمكنك أن تصبح غورو (guru) (انظز 5) بالصدفة”.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- “كتب مساعدة الذات (self-help books) هي الكتب التي تُكتب بهدف تقديم إرشادات إلى قارئها بخصوص حل المشاكل الشخصية. اتخذ هذا الصنف من الكتب اسمه من كتاب مساعدة الذات (Self-Help)، وهو كتاب لصموئيل سمايلز صدر عام 1859 وحقق مبيعات عالية، لكن هذه الكتب تُعرف أيضًا باسم كتب «تطوير الذات» أو «التنمية الذاتية» (self-improvement) وتصنَّف تحت هذا الاسم، وهو تحديث لمصطلح مساعدة الذات. وقد انتقلت كتب تطوير الذات من موضعها لتصبح ظاهرة ثقافية تنتسب إلى ما بعد الحداثة في أواخر القرن العشرين” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/كتب_مساعدة_الذات
2-https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0264999318318133
3- “النموذج القائم على الوكيل / العامل (ABM) هو فئة من النماذج الحوسبية لمحاكاة أفعال وتفاعلات وكلاء (agents) مستقلة (كيانات فردية أو جماعية مثل المنظمات / الشركات أو المجموعات) بهدف تقييم آثارها على النظام ككل. “النماذج القائمة على الوكيل هي نوع من النماذج الدقيقة (microscale) تحاكي العمليات والتفاعلات المتزامنة لعوامل متعددة في محاولة لإعادة تكوين الظواهر المعقدة والتنبؤ بظهورها”، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:  https://en.wikipedia.org/wiki/Agent-based_model
4- “تأثير كرة الثلج (snowball effect) هو مصطلح مجازي يصف حدثًا يبدأ من مرحلة مبدئية لا ثؤثر كثيرا ثمّ تتراكم وتتفاقم حتى تصبح أكبر وأكثر تأثيرًا وجدّية، وقد تصبح أشد خطورةً (حلقة مفرغة). أصبح مصطلح تأثير كرة الثلج من الكلام المبتذل الذي يُستخدم في الكرتون والمسرح الحديث كما يُستخدم في علم النفس كذلك.  نشأ سبب تسمية مصطلح تأثير كرة الثلج للتشابه الموجود بين التأثير وما يحدث حين تسقط كرة ثلج صغيرة من أعلى منحدر في جبل ثلجيّ، إذ تبدأ صغيرة ويتجمّع الثلج فيها كلّما تدحرجت ويزداد ثقلها وحجمها. ويستخدم هذا المصطلح في علم الاجتماع غالبًا للتعبير عن تضخم الحدث كما يشير إلى سرعة تطوره أيضًا” ، مقتبس من من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تأثير_كرة_الثلج
5- https://en.wikipedia.org/wiki/Guru

المصدر الرئيس:
https://www.uts.edu.au/news/business-law/how-do-leaders-and-influencers-emerge

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *