“ملحق للثقافة الأفريقية”
الثقافة المصرية – العمق التاريخي
مدخل
تمتع مصر بتاريخ وثقافة ثريتين يعود تاريخهما إلى آلاف السنين بدءًا من الثقافة الفرعونية ثم المسيحية والإسلام، فحضارتها واحدة من أقدم الحضارات. تأثرت الثقافة المصرية بالعديد من الثقافات والجماعات العرقية الأخرى التي عاشت فيها أو غزت البلاد. فمصر بوتقة انصهرت فيها ثقافات عديدة. تتمتع مصر بمناطق جذب طبيعية وتاريخية وثقافية مذهلة، لذا تعد من أهم البلاد السياحية في العالم. كما أن تاريخ مصر الطويل وموقعها الجغرافي ومعالمها السياحية ودفء الضيافة فيها وحسن أخلاق أهلها يجعل منها بلد يشجع قدوم الناس اليها.
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (سورة يوسف – اية 99) – ولهذه الآية المباركة دلالات ثقافية عن مصر من حيث العطاء الإنساني.
لما يقرب من 30 قرنًا – أي منذ توحيدها حوالي عام 3100 قبل الميلاد حتى غزو الإسكندر الأكبر لها عام 332 قبل الميلاد – كانت مصر القديمة الحضارة الأبرز في عالم البحر الأبيض المتوسط. من الأهرامات العظيمة للمملكة القديمة وحتى الفتوحات العسكرية للمملكة الحديثة.
تثير مصر إعجاب علماء الآثار والمؤرخين فهي توفر حقلاً دراسيًا حيويًا خاصًا بعلم المصريات (أحد فروع علم الآثار). ففي مصر القديمة العديد من الآثار والتحف التي تم انتشالها من المواقع الأثرية، المغطاة بالرسوم الهيروغليفية التي تم فك شفرتها مؤخرًا فقط والتي تظهر صورة لثقافة ليس لها نظير في جمال فنها، أو إنجاز هندستها المعمارية أو ثراء تقاليدها الدينية.
بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي ومواردها الطبيعية التي ترفد اقتصادها اصبحت مصر على مر تاريخها هدفاً لغزوات القوى الصاعدة في العالم. فخلال مسار تاريخها، تعرضت مصر للغزو من قبل عدد من القوى الأجنبية، بما في ذلك الهكسوس والليبيون والنوبيون والآشوريون والفرس الأخمينيون والمقدونيون تحت قيادة الإسكندر الأكبر.
التاريخ الحديث
وفي التاريخ الحديث، غزى نابليون بونابرت الذي قاد جيوش الحملة الفرنسية على مصر في 1798م، بغرض جعل مصر قاعدة استراتيجية تكون نواة للإمبراطورية الفرنسية في الشرق، ولكن الفرنسيون رحلوا عن مصر في عام 1801م أي بعد حوالي 3 سنوات.
وقبل حملة نابليون تعرضت مصر لحملتين تقودهما فرنسا، كانت الأولى بقيادة جان دي برس. وأما الأخرى فكانت بقيادة الملك لويس التاسع ومنيت الحملتان بهزيمة مدوية عامي (618هـ= 1221م) و (648هـ=1250م) وخرجتا من مصر.
كانت رغبة فرنسا لاحتلال مصر قوية، وبقيت أملا لساستها وقادتها ينتظرون الفرصة السانحة لتحقيقها متى سنحت الفرصة، وفي سبيل ذلك كانوا يبعثون رجالهم إلى مصر على هيئة تجار أو سياح أو طلاب ودارسين، ويسجلون دقائق حياتها في تقارير يرسلونها إلى قادتهم بغية السيطرة على مصر لأهميتها البالغة.
استعمر البريطانيون مصر بعد غياب الدولة العثمانية حتى نالت استقلالها في عام 1956. بدأ الاحتلال الإنجليزى، مع قيام الأسطول الإنجليزى بقصف مدينة الإسكندرية فى 11 يوليو من عام 1882. استطاعت القوات البريطانية احتلال مدينتى بورسعيد والإسماعيلية يوم 20 أغسطس، وفى يوم 13 سبتمبر عام 1882، وهى آخر المواجهات بين الجيش المصرى بقيادة الزعيم أحمد عرابى وبين الجيش البريطانى، هزم جيش الاحتلال قوات الجيش المصرى.
وظل الاحتلال البريطاني لمصر حتى أصدرت بريطانيا الإعلان الأحادى الجانب باستقلال مصر عام 1922، ثم المعاهدة المصرية الإنجليزية 1934، وعادت السيطرة التدريجية لملك مصر، وبحلول عام 1934، حصلت مصر على استقلالها الكامل، ولكنها ظلت تحت الاحتلال بوجود قوات من الجيش الإنجليزى فى بعض مناطق البلاد كما إنها فعليا المتحكمة فى مصائر الأمور، وظلت محتفظة بسيطرتها على منطقة قناة السويس حتى انسحابهم منها في عام 1956 بعد 72 عامًا.
شهدت فترة الاحتلال الإنجليزى حركة وطنية واسعة من النضال المتواصل، وقام الشعب المصرى بالعديد من الثورات لعل أهمها وأشهرها على الإطلاق ثورة 1919، بقيادة الزعيم الراحل سعد زغلول، والتى كانت صاحبة اليد فى بداية الحصول على الاستقلال، وصولاً إلى ثورة الضباط الأحرار فى 23 يوليو عام 1952، والتى أنهت 74 عامًا من الاحتلال الإنجليزى للبلاد، بعد توقيع اتفاقية الجلاء عام 1953م.
وبشكل فعلى ظلت القوات البريطانية في مصر إلى أن تم الاتفاق على معاهدة 1922 والمعاهدة الأنجلو – مصرية عام 1936، التى تمنح الملك فاروق سيادة تدريجية على الأراضي المصرية ، حيث إن بريطانيا مارست سيادتها على قناة السويس حتى تم تأميمها عام 1956 بعد 74 عامًا من الاحتلال. وانتهى التواجد الإنجليزى رسميًا وفعليًا فى أعقاب ثورة يوليو، وبالتحديد فى يوم 18 يونيو عام 1956، باتفاقية الجلاء، وخروج آخر جندي بريطاني من مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
اللغة
قبل اللغة العربية التي وصلتهم مع دخول الإسلام، كتب المصريون بلغة تستخدم الرموز مكان الحروف. كان هذا يسمى الهيروغليفية التي كانت صورًا بسيطة نسبيًا. كتب معظم الكتبة على ورق البردي، وهو نوع من الورق المصنوع من القصب يوجد على ضفاف النيل. واشتهر المصريون برسم لوحات ثنائية الأبعاد تكون فيها عيون الإنسان على جانب الرأس. لقد رسموا الحياة اليومية، إلى جانب الأحداث والحروب المهمة.
الدين
يلعب الدين دورًا كبيرًا في حياة المصريين منذ نشأتها، وهو اليوم يتداخل بشكل اساسي مع الأنشطة اليومية للمسلمين والمسيحيين الذين يعيشون في مصر.
يمكن رؤية ذلك بوضوح خلال شهر رمضان والأعياد وعيد الميلاد، حيث تنتشر روح الأعياد في كل مكان. تقع المساجد في كل زاوية، لذا يمكنك أن تسمع صوت الأذان للصلاة خلال مواقيت الصلاة الخمس في اليوم بالسير في شوارع المدن المصرية.
وعلى الرغم من أن المصريين يستخدمون التقويم الغربي، إلا أنهم يستخدمون التقويم الإسلامي للأعياد الدينية الإسلامية، ورمضان هو أهم شهر في السنة. فهم يصومون شهر رمضان كبقية المسلمين من شروق الشمس إلى غروبها، مع التركيز على الصلاة والقيام بالأعمال الخيرية. وقبل بداية شهر رمضان يتم تزيين الشوارع والمنازل للاحتفال بهذه المناسبة ويتم إعداد وجبات خاصة.
في العصور القديمة، كانت الديانة المصرية تعتقد بتعدد الآلهة. فقد عبدوا العديد من الآلهة، وكانوا يعتقدون أحيانًا أن الآلهة هم من اختارهم الفراعنة. وعندما مات الفراعنة، تم تحنيطهم للحفاظ على أجسادهم إلى الأبد. كما كانوا يعبدون نهر النيل الذي وفر لهم سبل البقاء. كان النيل وما يزال جزءًا كبيرًا من حياتهم فهو هبة مصر.
الموارد الغذائية
في العصور القديمة، كما هو على مر الأزمان التالية، عاش معظم المصريين كمزارعين يعيشون في قرى صغيرة، وشكلت الزراعة (القمح والشعير بشكل كبير) القاعدة الاقتصادية للدولة المصرية. وفر الفيضان السنوي لنهر النيل العظيم الري والتسميد اللازمين حيث يزرع المزارعون القمح بعد انحسار الفيضانات ويحصدوه قبل موسم ارتفاع درجات الحرارة وعودة الجفاف. وفي العصور القديمة، ابتدع المصريون تكنولوجيتهم الخاصة حيث استخدم الفلاحون العديد من الأدوات المتطورة للعمل في الحقول على ضفاف النيل. ولتليين الأرض استخدموا المحراث الذي تجره الماشية ، التي يتبعها اشخاص ليبعثروا البذور. وعندما يبدأ موسم الحصاد، كانوا يستخدمون المناجل لقطع سيقان الحبوب الطويلة.
التفاعل الاجتماعي
المصريون ودودون ومنفتحون على الثقافات الأخرى ومعروفون بحسن ضيافتهم. يحب المصريون أيضًا مساعدة الناس. فمن الشائع جدًا إذا طلبت من شخص ما المساعدة أو التوجيهات، فسيتصل بالآخرين للمساعدة أيضًا والتأكد من حصولك على ما تحتاجه أو المكان الذي تريد الذهاب إليه. ورغم ان مصر كانت فريسة للعديد من الغزاة عبر التاريخ، ومؤخراً، لكن المصريين يتمتعون بروح الدعابة القوية ويجدون الدعابة في كل شيء، بما في ذلك أنفسهم. مما يجعلهم يتكيفون مع ظروف الحياة التي يفرضها الواقع.
الأسرة
عندما يتعلق الأمر بشؤون الأسرة، تعتبر الأسرة مهمة جدًا للمصريين، لذا فهم يهتمون بشكل خاص بالقيم والعلاقات الأسرية. هذا المزيج الرائع بين أفراد الأسرة يشجع الأطفال على العيش مع والديهم حتى يتزوجوا ثم يكوّنوا عائلاتهم الخاصة. لذلك، فإن معدلات الزواج مرتفعة والعائلات تشجع أبناءها وبناتها على الزواج ويدعمونهم ماديًا. عادة ما يتم تقسيم المسؤوليات بحيث يكون المنزل ورعاية الأطفال من مسؤولية النساء، بينما يتحمل الرجال مسؤولية إعالة الأسر مالياً.
الاحتفالات
يحب المصريون الاحتفالات. وعادة ما يتجمع أفراد العائلة والأقرباء والأصدقاء المقربون خلال العطلات والاحتفالات الخاصة. كما يقيمون ذكرى الموالد للعلماء والصالحين في احتفالات عامة. تشمل جميع الاحتفالات مشاركة وجبات خاصة معدة لهذه المناسبة. عادة ما تفخر النساء بقدرتهن على طهي العديد من الأطباق والتنافس فيما بينها على من يصنع أشهى الأطباق. تعد المطاعم واحدة من أكثر الأعمال ازدهارًا حيث يحب المصريون تجربة المأكولات الجديدة ويقدرون الوجبة الجيدة.
البنية الاجتماعية
يتكون الهيكل الاجتماعي لمصر القديمة من سبع فئات رئيسية:
- الفلاحون وهم أهم وأعظم فئة من حيث الانتاج والمساهمة في اقتصاد وازدهار البلاد. وعلى الرغم من أن الحرفيين والفلاحين كانوا يعتبرون من أدنى المستويات، إلا أنهم شكلوا الجزء الأكبر من السكان وكانوا أحد أسباب ازدهار مصر القديمة.
- الحرفيون والذين عملوا كنحاتين ومهندسين معماريين ساهموا في الابداع العمراني الذي جعل لمصر بصمة حضارية في العالم من خلال بناء الاهرامات والشواهد التاريخية الأخرى للبلاد المصرية.
- العمال العاديون الذين عمروا ما نشهده اليوم من تاريخ مصر القديم.
- الكتبة الذين سجلوا الأحداث المهمة وحفظوا تاريخ مصر.
- الكهنة الذين أداروا جميع الأحداث الدينية وساهموا في تلبية حاجات الناس الروحية.
- المسؤولون الحكوميون الذين ساعدوا الفراعنة (حكام مصر القدماء) في إدارة الأمة، فكان هناك الوزير الذي يقدم النصح لفرعون والقاضي الذي يحكم بين الناس، وقادة الجيوش الذين ساهموا في حروب مصر القديمة وأمنها، ومشرف الخزانة المسئول عن جمع الضرائب وثروة البلاد، وفي قصة يوسف { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (سورة يوسف – الآية 55).
- الفرعون (الحاكم) والذي كان مسئولاً عن حكم وادارة الدولة في مصر القديمة. وقد اعلن بعض الفراعنة أنهم آلهة، واجبروا الناس على الأيمان بهم، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (القصص – 4).
التاريخ القديم
ما قبل الأسر الحاكمة (5000-3100 قبل الميلاد)
تم العثور على عدد قليل من السجلات أو القطع الأثرية المكتوبة من فترة ما قبل الأسر الحاكمة، والتي شملت ما لا يقل عن 2000 عام من التطور التدريجي للحضارة المصرية. أثناء حكم أخناتون، لعبت زوجته نفرتيتي دورًا سياسيًا ودينيًا مهمًا في العبادة التوحيدية لإله الشمس آتون.
تحولت مجتمعات العصر الحجري الحديث (العصر الحجري المتأخر) في شمال شرق إفريقيا من الصيد الى الزراعة وحققت إنجازات مبكرة مهدت الطريق للتطور اللاحق للفنون والحرف اليدوية المصرية والتكنولوجيا والسياسة والدين (بما في ذلك التبجيل الكبير للموتى وربما الإيمان بـ الحياة بعد الموت).
في حوالي 3400 قبل الميلاد، تم إنشاء مملكتين منفصلتين بالقرب من الهلال الخصيب، وهي منطقة موطن لبعض أقدم الحضارات في العالم: الأرض الحمراء في الشمال، ومقرها في دلتا نهر النيل وتمتد على طول نهر النيل ربما إلى أطفيح؛ وجنوبا، الأرض البيضاء من أطفيح إلى جبل السلسلة. قام الملك الجنوبي، العقرب، بالمحاولات الأولى لغزو المملكة الشمالية حوالي 3200 قبل الميلاد. بعد قرن من الزمان، أخضع الملك مينا الشمال ووحد البلاد، ليصبح أول ملك في الأسرة الملكة الأولى لمصر.
(الأسر المبكرة) (3100-2686)
أسس الملك مينا عاصمة مصر القديمة (المعروفة فيما بعد باسم ممفيس)، في الشمال بالقرب من قمة دلتا نهر النيل. نمت العاصمة لتصبح مدينة كبيرة سيطرت على المجتمع المصري خلال فترة المملكة القديمة. شهدت الفترة القديمة تطور أسس المجتمع المصري، بما في ذلك أيديولوجية الملكية البالغة الأهمية. بالنسبة للمصريين القدماء، كان الملك كائنًا شبيهًا بالآلهة، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإله القوي حورس. تعود أقدم الكتابة الهيروغليفية المعروفة أيضًا إلى هذه الفترة.
الدولة القديمة (2686-2181 قبل الميلاد)
بدأت الدولة القديمة مع سلالة الفراعنة الثالثة. وفي حوالي عام 2630 قبل الميلاد، طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر من إمحوتب، وهو مهندس معماري وكاهن ومعالج، تصميم نصب تذكاري جنائزي له؛ وكانت النتيجة أول مبنى حجري رئيسي في العالم، الهرم المدرج في سقارة، بالقرب من ممفيس.
وصل بناء الأهرامات المصرية إلى أوجها ببناء الهرم الأكبر بالجيزة على مشارف القاهرة الذي بني من أجل خوفو ، الذي حكم من 2589 إلى 2566 قبل الميلاد، أطلق عليه المؤرخون الكلاسيكيون الهرم فيما بعد كواحد من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. قدّر المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت أن بناءه استغرق 100 ألف رجل و20 عامًا. تم بناء هرمين آخرين في الجيزة لخلفاء خوفو: خفرع (2558-2532 قبل الميلاد) ومنقرع (2532-2503 قبل الميلاد).
خلال الأسرتين الثالثة والرابعة، تمتعت مصر بعصر ذهبي من السلام والازدهار. احتفظ الفراعنة بالسلطة المطلقة وقدموا حكومة مركزية مستقرة؛ لم تواجه المملكة أي تهديدات خطيرة من الخارج وكان لها حملات عسكرية ناجحة في دول أجنبية مثل النوبة وليبيا أضافت إلى ازدهارها الاقتصادي الكبير. على مدار الأسرتين الخامسة والسادسة، استنفدت ثروة الملك بشكل مطرد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التكلفة الهائلة لبناء الهرم، وتعثرت سلطته المطلقة في مواجهة التأثير المتزايد للنبلاء والكهنوت الذين نشأوا حولها. إله الشمس رع (رع). بعد وفاة ملك الأسرة السادسة بيبي الثاني، الذي حكم لمدة 94 عامًا، انتهت فترة المملكة القديمة في حالة من الفوضى.
الفترة الانتقالية الأولى (ج 2181-2055 قبل الميلاد)
وفي أعقاب انهيار المملكة القديمة، بدأت الفترة الانتقالية الأولى (ج 2181-2055 قبل الميلاد) حيث تألفت الأسرتان السابعة والثامنة من تعاقب سريع للحكام في ممفيس حتى حوالي عام 2160 قبل الميلاد، عندما انحلت السلطة المركزية تمامًا، مما أدى إلى حرب أهلية بين حكام المقاطعات. تفاقمت هذه الفوضى بسبب الغزوات البدوية ورافقها المجاعة والمرض.
ومن عصر الصراع هذا، ظهرت مملكتان مختلفتان (السلالات التاسعة و العاشرة) ومقرها هيراكليوبوليس وحكمت مصر الوسطى بين ممفيس وطيبة، بينما نشأت عائلة أخرى من الحكام في طيبة لتحدي سلطة هرقلوبوليس.
وفي حوالي عام 2055 قبل الميلاد، تمكن أمير طيبة منتوحتب من الإطاحة بهراقلوبوليس وإعادة توحيد مصر، بداية الأسرة الحادية عشرة وإنهاء الفترة الانتقالية الأولى.
المملكة الوسطى: الأسرة الثانية عشر (2055-1786 قبل الميلاد)
بعد اغتيال آخر حكام الأسرة الحادية عشرة، منتوحتب الرابع، انتقل العرش إلى وزيره، أو رئيس الوزراء، الذي أصبح الملك أمنمحات الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة. ، بينما ظلت طيبة مركزًا دينيًا كبيرًا.
خلال عصر الدولة الوسطى، ازدهرت مصر مرة أخرى، كما كانت في عصر الدولة القديمة. كفل ملوك الأسرة الثانية عشر تتابعًا سلسًا لسلسلتهم من خلال جعل كل من يخلفهم الوصي على العرش، وهي العادة التي بدأت مع أمنمحات الأول.
اتبعت مصر في المملكة الوسطى سياسة خارجية عدوانية، واستعمرت النوبة (بإمداداتها الغنية من الذهب والأبنوس والعاج وغيرها من الموارد) وصدت البدو الذين تسللوا إلى مصر خلال الفترة الانتقالية الأولى. كما أقامت المملكة علاقات دبلوماسية وتجارية مع سوريا وفلسطين ودول أخرى وتعهدت بمشاريع البناء بما في ذلك الحصون العسكرية والمحاجر؛ وعاد إلى بناء الهرم في تقليد المملكة القديمة.
بلغت المملكة الوسطى ذروتها في عهد أمنمحات الثالث (1842-1797 قبل الميلاد) ؛ بدأ تراجعها في عهد أمننهايت الرابع (1798-1790 قبل الميلاد) واستمر تحت حكم شقيقته ووصيته ، الملكة سوبكنيفرو (1789-1786 قبل الميلاد) ، التي كانت أول امرأة حاكمة مؤكدة لمصر وآخر حاكمة من الأسرة الثانية عشرة.
الفترة الانتقالية الثانية (1786-1567 قبل الميلاد)
كانت الأسرة الثالثة عشرة بمثابة بداية فترة أخرى غير مستقرة في التاريخ المصري، حيث فشلت خلالها سلسلة من الملوك في توطيد سلطتها. نتيجة لذلك، خلال الفترة الانتقالية الثانية، تم تقسيم مصر إلى عدة مناطق نفوذ. تم نقل الديوان الملكي الرسمي ومقر الحكومة إلى طيبة، في حين يبدو أن السلالة المنافسة (الرابعة عشرة)، المتمركزة في مدينة إكسويس في دلتا النيل، كانت موجودة في نفس الوقت مثل القرن الثالث عشر.
وفي حوالي عام 1650 قبل الميلاد، استفاد خط من الحكام الأجانب يعرف باسم الهكسوس من عدم الاستقرار في مصر للسيطرة. تبنى حكام الأسرة الخامسة عشر الهكسوس واستمروا في العديد من التقاليد المصرية القائمة في الحكومة وكذلك الثقافة. حكموا بالتزامن مع سلالة حكام طيبة الأصليين من الأسرة السابعة عشر، الذين احتفظوا بالسيطرة على معظم جنوب مصر على الرغم من اضطرارهم لدفع الضرائب للهكسوس. (يُعتقد أن الأسرة السادسة عشرة هي حكام طيبة أو الهكسوس).
اندلع الصراع في النهاية بين المجموعتين، وشنت عائلة طيبة حربًا ضد الهكسوس حوالي عام 1570 قبل الميلاد، وطردتهم من مصر.
المملكة الحديثة (1567-1085 قبل الميلاد)
في عهد أحمس الأول، أول ملوك الأسرة الثامنة عشر، تم لم شمل مصر مرة أخرى. خلال الأسرة الثامنة عشر، استعادت مصر سيطرتها على النوبة وبدأت حملات عسكرية في فلسطين، واشتبكت مع قوى أخرى في المنطقة مثل الميتانيين والحثيين. واصلت البلاد تأسيس أول إمبراطورية عظيمة في العالم، امتدت من النوبة إلى نهر الفرات في آسيا. بالإضافة إلى الملوك الأقوياء مثل امنحوتب الأول (1546-1526 قبل الميلاد)، وتحتمس الأول (1525-1512 قبل الميلاد) وامنحوتب الثالث (1417-1379 قبل الميلاد) ، تميزت المملكة الحديثة بدور المرأة الملكية مثل الملكة حتشبسوت (1503-1482 ق).
قام امنحوتب الرابع المثير للجدل (١٣٧٩-١٣٦٢)، من أواخر الأسرة الثامنة عشر، بثورة دينية، وحل الكهنوت المخصص لآمون رع (مزيج من إله طيبة المحلي آمون وإله الشمس رع) وأجبر الجميع على عبادة إله الشمس آتون. أعاد تسمية نفسه أخناتون (“خادم آتون”)،وبنى عاصمة جديدة في مصر الوسطى تسمى أخاتون ، التي عُرفت فيما بعد باسم العمارنة.
عند وفاة أخناتون، عادت العاصمة إلى طيبة وعاد المصريون إلى عبادة العديد من الآلهة. شهدت الأسرتان التاسعة عشر والعشرون، المعروفة باسم فترة رعامسة (بالنسبة لسلالة الملوك المسمى رمسيس) استعادة الإمبراطورية المصرية الضعيفة وقدرًا مثيرًا للإعجاب من المباني، بما في ذلك المعابد والمدن العظيمة. وفقًا للتسلسل الزمني التوراتي، من المحتمل أن يكون خروج موسى وإسرائيل من مصر قد حدث في عهد رمسيس الثاني (1304-1237 قبل الميلاد).
تم دفن جميع حكام المملكة الحديثة (باستثناء أخناتون) في مقابر عميقة محفورة بالصخور (وليس الأهرامات) في وادي الملوك، وهو موقع دفن على الضفة الغربية لنهر النيل مقابل طيبة. تمت مداهمة وتدمير معظمها، باستثناء مقبرة وكنز توت عنخ آمون (1361-1352 قبل الميلاد) والتي تم اكتشافها سليمة إلى حد كبير في عام 1922.
المعبد الجنائزي الرائع لآخر ملوك الأسرة العشرين، رمسيس الثالث (1187-1156 قبل الميلاد)، تم الحفاظ عليه بشكل جيد نسبيًا، مما يشير إلى الازدهار الذي لا تزال مصر تتمتع به خلال فترة حكمه.
كان الملوك الذين تبعوا رمسيس الثالث أقل نجاحًا: خسرت مصر ولاياتها في فلسطين وسوريا للأبد وعانت من الغزوات الأجنبية (لا سيما من قبل الليبيين)، بينما كانت ثروتها تنضب بشكل مطرد لا محالة من حدوثه.
الفترة الانتقالية الثالثة (1085-664 قبل الميلاد)
شهدت الأربعمائة عام التالية – المعروفة بالمرحلة الانتقالية الثالثة – تغييرات مهمة في السياسة والمجتمع والثقافة المصرية.
أفسحت الحكومة المركزية تحت حكم الأسرة الحاكمة 21 المجال لظهور المسؤولين المحليين، بينما استولى الأجانب من ليبيا والنوبة على السلطة لأنفسهم وتركوا بصمة دائمة على سكان مصر.
بدأت الأسرة الثانية والعشرون حوالي 945 قبل الميلاد. مع الملك شيشنق ، سليل الليبيين الذين غزا مصر خلال أواخر الأسرة العشرين واستقروا هناك. كان العديد من الحكام المحليين مستقلين تقريبًا خلال هذه الفترة، ولم يتم توثيق الإسر الحاكمة 23-24 بشكل جيد.
في القرن الثامن قبل الميلاد، أسس الفراعنة النوبيون بداية من شابكو، حاكم مملكة كوش النوبية، سلالتهم الخاصة – القرن الخامس والعشرون – في طيبة. وتحت حكم الكوش، اصطدمت مصر مع الإمبراطورية الآشورية المتنامية. في عام 671 قبل الميلاد، طرد الحاكم الآشوري أسرحدون الملك الكوشي تاهاركا من ممفيس ودمر المدينة. ثم قام بتعيين حكامه من الحكام المحليين والمسؤولين الموالين للآشوريين. أحدهم، (Necho of Sais) ، والذي حكم لفترة وجيزة كأول ملوك الأسرة السادسة والعشرين قبل أن يقتل على يد الزعيم الكوشي تانواتامون، في انتزاع نهائي فاشل للسلطة.
الفترة المتأخرة إلى غزو الإسكندر (حوالي 664-332 قبل الميلاد)
بدءًا من ابن نيشو، بسماتيشوس (Psammetichus) حكمت سلالة سايت (Saite) مصر الموحدة لمدة تقل عن قرنين من الزمان.
وفي عام 525 قبل الميلاد، هزم قمبيز، ملك بلاد فارس، بسماتيشوس الثالث، آخر ملوك سايت، في معركة بيلوسيوم وأصبحت مصر جزءًا من الإمبراطورية الفارسية. خلالها، حكم الحكام الفارسيون مثل داريوس (522-485 قبل الميلاد) البلاد إلى حد كبير تحت نفس الشروط مثل الملوك المصريين الأصليين: دعم داريوس الطوائف الدينية في مصر وتولى بناء وترميم معابدها.
بعدها، أثار حكم زركسيس الاستبدادي (486-465 قبل الميلاد) انتفاضات متزايدة في ظل حكمه وخلفائه. انتصرت إحدى هذه الثورات في عام 404 قبل الميلاد، لتبدأ فترة أخيرة من استقلال مصر في ظل حكام محليين (سلالات 28-30).
وفي منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، هاجم الفرس مصر مرة أخرى، وأعادوا إحياء إمبراطوريتهم تحت حكم أتاكسركسيس الثالث عام 343 قبل الميلاد.
بعد عقد من الزمان تقريباً، أي في عام 332 قبل الميلاد، هزم الإسكندر المقدوني جيوش الإمبراطورية الفارسية وغزا مصر. وبعد وفاة الإسكندر، الذي حكم مصر من قبل سلالة من الملوك المقدونيين، بدءًا من الجنرال الإسكندر بطليموس واستمراراً مع نسله. استسلم آخر حكام مصر البطلمية – الأسطورية كليوباترا السابعة – مصر لجيوش أوكتافيان (لاحقًا أغسطس) في 31 قبل الميلاد. تبع ذلك ستة قرون من الحكم الروماني، وأصبحت خلالها المسيحية الدين الرسمي لروما ومقاطعات الإمبراطورية الرومانية بما في ذلك مصر.
وفي القرن السابع الميلادي دخل الإسلام الى مصر مما ادى الى تحول جذري في الثقافة المصرية القديمة لتتكون ثقافة تجسد الأثر الاسلامي عليها حتى تاريخه.
سيتم الحديث عن “ملحق للثقافة الأوروبية” في المقال القادم “الثقافات العالمية الرئيسية (12)”،،،،،،
المصادر:
- https://www.history.com/topics/ancient-history/ancient-egypt
- https://prezi.com/rd-ztssbfzqy/7-characteristics-of-ancient-egypt
- https://www.youm7.com/story/2019/6/28
- https://www.google.com/search?q=why+egypt+is+always+invaded+so+frequently