Why uncertainty makes us change our behaviour (even when we shouldn’t)
(بقلم: شيري لاندو – SHERRY LANDOW)
قد يكون “هلع الشراء ” استجابة بشرية طبيعية لحالة عدم اليقين…
الناس في جميع أنحاء العالم غيّروا من سلوكياتهم في التسوق بشكل كبير في بداية جائحة كوفيد-19.
في مواجهتهم لحالة عدم اليقين الجديدة هذه، بدأ المتسوقون في تخزين المواد المنزلية الأساسية – خاصة ورق التواليت – لأخذ المجهول الجديد بعين الاعتبار. أدى هلع الشراء هذا إلى نقص في المواد، على الرغم من أنه، في معظم الحالات، يوجد ما يكفي للجميع لو اشترى الناس ما يحتاجون إليه فحسب.
وفقًا لدراسة أجرتها جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني الاسترالية (1) ، فإن سلوك ردة الفعل (reactive behavior) (انظر 2) مثل هذا ليس أمرًا غير معتاد، ولكنه طريقة شائعة للتعامل مع حالة عدم اليقين غير المتوقعة.
في الواقع، تُعد حالة عدم اليقين غير المتوقعة حافزًا قويًا للتغيير، لدرجة أنها غالبًا ما تدفعنا إلى تعديل سلوكنا – حتى عندما لا يكون ذلك جيدًا لنا.
يقول المؤلف الرئيس للدراسة الدكتور أدريان ووكر (Adrian Walker)، الذي أكمل هذا البحث كجزء من حصوله على درجة الدكتوراه في علم النفس من كلية العلوم في جامعة نيو ساوث ويلز، عندما يشعر الناس بتغير غير متوقع في محيطهم، فإنهم يبدأون في البحث عن أساليب للتقليل من حالة عدم اليقين هذه. “يستطيعون أن يغيروا سلوكهم واستراتيجياتهم في اتخاذ القرار في محاولة منهم لإيجاد طريقة لاستعادة بعض الشعور بالسيطرة [المترجم: الشعور بالسيطرة هو الاعتقاد بالتحكم بمجريات ونتائج أحداث الحياة التي يواجهونها].
“من المثير للدهشة أن دراستنا وجدت أن حالة عدم اليقين غير المتوقعة تجعل الناس يغيرون سلوكياتهم حتى عندما يكون من الأفضل لهم التشبث باستراتيجيتهم القديمة”.
الدراسة السلوكية، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة علم النفس التجريبي : التعلم والذاكرة والإدراك ( The Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory, and Cognition)، هي الأولى التي تُظهر أن نوع حالة عدم اليقين التي نشعر بها – سواء أكانت متوقعةً أم غير متوقعة – تلعب دورًا رئيسًا في ردة فعلنا.
على سبيل المثال، الموظف العامل في المدينة الذي يعرف أن تنقلاته الصباحية تستغرق ما بين 30 إلى 50 دقيقة لن يفاجأ لو استغرقت هذه الرحلة 50 دقيقة. من ناحية أخرى، السائق في الريف الذي يتوقع أن تستغرق رحلته 30 دقيقة سيكون مندهشًا جدًا لو استغرقت 50 دقيقة فجأة.
لاختبار كيف يستجيب الناس للتغيير غير المتوقع، كلف الباحثون المشاركين في الدراسة ببيع زوج من الأشياء إلى أحد المشاركين – في هذا السيناريو، كان واحدًا من الغرباء – في محاكاة افتراضية. كانت مهمتهم بسيطة: الحصول على أكبر عدد ممكن من النقاط (أو “دولارات هذا الغريب”) قدر الإمكان.
احتاج المشاركون إلى اختيار أي غريب لبيعه مادتين من المواد الكيميائية، لكن واحدة فقط من المادتين الكيميائيتين هي التي تحدد المبلغ الذي سيدفعه الغريب. لقد احتاج المشاركون إلى تحديد التركيبة الملائمة بين المادة الكيميائية والغريب التي ستكسبهم أعظم المردودات المالية (المكافأة).
تم تعريف المجموعة الأولى المكونة من 35 مشاركًا بالمهمة وتعلموا بسرعة أن استراتيجية واحدة (على سبيل المثال ، خيار «أ») أعطت عرضًا أفضل يتكون من 15 نقطة. ولكن في منتصف التجربة، تغير نمط المكافأة، وأصبح الخيار «أ» الآن يعطي رقمًا عشوائيًا بين 8 و 22 نقطة.
“بمجرد أن أضفنا عنصر عدم اليقين إلى التجربة، بدأ المشاركون في البحث عن طرق جديدة لإكمال المهمة”. “المهم هو أنه في جميع الحالات، كان أفضل شيء يمكنهم فعله هو استخدام استراتيجيتهم القديمة”، كما يقول الدكتور ووكر.
يقول الدكتور ووكر إن الجائحة – واستجاباتنا المختلفة لها – هي مثال واسع النطاق على حالة عدم اليقين غير المتوقعة. ويقول: “لقد تغير كل شيء فجأة في بداية جائحة،كوفيد-19”.
“معظمنا وجدنا أنفسنا فجأة نعمل من البيت، ونغير طريقة التسوق ونغير الطريقة التي نتواصل بها اجتماعيًا. لم تعد القوانين التي كنا نتبعها في السابق سارية المفعول، ولا توجد إجابة واضحة بعد عن متى أو كيف ستنتهي الجائحة.
“جرب ناس مختلفون كل أنواع الأشياء – كهلع الشراء – للتقليل من حالة عدم اليقين الجديدة هذه والعودة إلى الوضع “الطبيعي”. ولكن كما رأينا، لم تكن استراتيجيات ردة الفعل (3) هذه كلها جيدة على المدى الطويل”.
متلازمة الضفدع الموضوع في ماء يغلي
في حين أدت حالة عدم اليقين غير المتوقعة إلى استجابات دراماتيكية، كان لحالة عدم اليقين المتوقعة تأثير معاكس.
خلال المرحلة الثانية من التجربة، أدخل الباحثون عنصر عدم اليقين بطريقة تدريجية لمجموعة مختلفة من 35 مشاركًا. ال 15 نقطة المعتادة للخيار «أ» تغيرت إلى 14 – 16 نقطة، ثم تغيرت إلى 13 – 17 نقطة، حتى ارتفع مستوى حالة عدم اليقين إلى 8 – 22 نقطة.
“لم يتغير سلوك المشاركين بشكل كبير، على الرغم من أن حالة عدم اليقين وصلت في النهاية إلى نفس المستويات كما في التجربة الأولى” ، كما يقول الدكتور ووكر.
“عندما أُدخل عنصر عدم اليقين تدريجيًا في التجربة، استطاع الناس الحفاظ على استراتيجياتهم القديمة”. في حبن صُممت هذه التجربة المعينة لتكون الإستراتيجية الأصلية هي الاستراتيجية الأكثر فائدة، يقول الدكتور ووكر إن الأبحاث الأخرى أثبتت أن الضرر هو في عدم تغيير السلوك عند مواجهة التغيير التدريجي.
“يمكننا رؤية هذا النمط في الكثير من التحديات التي تجري في العالم الحقيقي، كأزمة تغير المناخ”، كما يقول الدكتور ووكر.
“عندما يكون التغيير بطيئًا وبالكاد يمكن ملاحظته، فليس هناك دافع مفاجئ لتغيير سلوكنا، ولذا فإننا نتمسك بالسلوكيات القديمة.
“إن محاولة التصرف بشأن تغير المناخ تشبه إلى حد كبير حكاية الضفدع الموضوع في ماء يغلي (4). إذا وضعت ضفدعًا في إناء وغلي الماء، فلن يلاحظ الضفدعُ وجود الخطر لأن الماء كان يسخن تدريجيًا. عندما تلاحظ الضفدع ذلك في النهاية، فقد فات الأوان عليها لتقفز خارج الإناء وتنجو بنفسها”.
البروفسور بن نيويل (Ben Newell)، نائب عميد كلية علم النفس بجامعة نيو ساوث ويلز، وأحد الباحثين المشاركين في المشروع. يقول إن الخطوة التالية الهامة في هذا البحث هي ترجمة الأفكار عن كيف يتفاعل الناس مع حالة عدم اليقين في المختبر لإشراك الناس في العمل المناخي (5).
يقول البروفسور نيويل: “إذا تمكنا من تحديد المثيرات (المسببات) لاستكشاف بدائل جديدة، فقد نتغلب على القصور الذاتي المتأصل في تطوير سلوكيات جديدة ومستدامة”.
التأكد من حالة عدم اليقين
حالة عدم اليقين هي شيء يواجهه البشر كل يوم، سواء أكان الأمر يتعلق بمدى سوء حركة المرور أم أسئلة الاختبار.
لكن جائحة كوفيد-19 ألقت طبقة جديدة من حالة عدم اليقين في مساحات رئيسة من حياتنا، كوظائفنا وصحتنا وظروف معيشتنا.
في حين أن هذه الدراسة ليست الصورة الكاملة للسلوك البشري أثناء الجائحة، إلا أنها يمكن أن تساعدنا في تفسير سبب بحث الكثير من الناس عن طرق جديدة لضم حالة اليقين إلى حياتهم، كما يقول الدكتور ووكر، وهو باحث الآن في قسم الطب النفسي في كلية الطب والصحة بجامعة نيو ساوث ويلز.
يقول المؤلف المشارك الدكتور توم بيسلي (Tom Beesley)، الذي كان يعمل سابقًا في جامعة نيو ساوث ويلز والآن في جامعة لانكستر، “يساعدنا بحث الدكتور ووكر في الحقيقة في فهم كيف يطور الناس تمثيلًا لحالة عدم اليقين التي يواجهونها، وكيف يمكنهم التأقلم أو عدم التأقلم مع ذلك”.
“يحاول مختبري إضفاء الطابع الرسمي على هذه العلاقة في نموذج حوسبي للسلوك ، حتى نتمكن من تقديم تنبؤات أوضح حول ما قد نتوقع حدوثه في ظل ظروف مختلفة من حالة عدم اليقين.”
بينما تركز أبحاث الدكتور ووكر الآن على الايبدلوموجيا النفسية (psychiatric epidemiology)، فهو مهتم بمعرفة اتجاهات الأبحاث المستقبلية في هذا المجال – خاصة في التنبؤ بالاستجابات الفردية لحالة عدم اليقين.
“بالنظر إلى عدد القرارات التي نتخذها في ظل حالة عدم اليقين في حياتنا اليومية، كلما زاد فهمنا لكيف نتخذ هذه القرارات، زاد أملنا في تمكين الناس من اتخاذ قرارات جيدة” ، كما قال الدكتور ووكر.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://doi.apa.org/doiLanding?doi=10.1037%2Fxlm0000883
2- “سلوك (تصرف) ردة الفعل (التفاعلي) (reactive behaviour) يعني في الأساس عندما لا يتخذ الشخص قرارات إستراتيجية في الحياة وعندما يتخذ الشخص قرارات متهورة ثم يتفاعل مع ما يحدث له. وقد تكون ردة الفعل هذه أحيانًا إيجابيةً وأحيانًا سلبيةً. مشاعرنا تضفي ضجة على سلوك ردة الفعل. عندما نشعر بالتوتر النفسي أو الغضب أو الاكتئاب أو الأذى ، فإننا نميل إلى اتخاذ قرارات ردة الفعل؛ يُعرف سلوك ردة الفعل هذه بردة الفعل المفرطة (أو المبالغة في ردة الفعل – emotional reactivity أو overreaction). في مثل هذه المواقف، تدفعنا مشاعرنا (انفعالاتنا)، ولا نفهم الموقف الذي نحن فيه، وينتهي بنا الأمر إلى اتخاذ قرارات متهورة. سلوك ردة الفعل شيء يمكن أن يسيطر على حياة الشخص وله عواقب عديدة مترتبة عليه. قد يؤدي إلى حالة من الغضب والعدوانية وفي بعض الحالات قد يسبب الحزن والشعور بالذنب والقلق والاكتئاب. بسبب سلوك ردة الفعل هذه يعرف الناس أن مثل هذه المشاعر القوية موجودة في الشخص”. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://thriveglobal.com/stories/reactive-behavior-transform-and-learn-how-to-pause/
3- “الاستراتيجية التفاعلية (actionButton) أو استراتجية ردة الفعل. هي مقاربة إدارية تقوم الشركة من خلالها باتخاذ القرارات والإجراءات كردة فعل لما يحدث في محيطها الخارجي، فقراراتها وإجراءاتها وخططها عادة ما تكون كاستجابة لأي مُحفّز خارجي. فاستراتيجية ردة الفعل هي تلك الاستراتيجية التي تستجيب لبعض الأحداث غير المتوقعة فقط بعد حدوثها”، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://www.meemapps.com/term/reactive-strategy
4- “الضفدع الموضوع في ماء يغلي هو مصطلح يشير إلى قصة شائعة تقول بأن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يُوضع في ماء حار. [بينما لو وُضِع في الماء وهو معتدل الحرارة ثم تم تسخينه ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى بعدما يصبح حاراً جداً لأنه لن يشعر بالخطر التدريجي الحاصل وبذلك يموت عندما تبلغ درجة حرارة الماء درجة مميتة. الفكرة هنا تصف عملية غلي الضفدع وغياب ردة فعله على هذه العملية لأن الأمر يتم على شكل تغير تدريجي وبطيء. يستعمل المصطلح لتفسير ردود أفعال الناس على التغيرات الهامة التي تحدث لهم أو لمن حولهم حيث تستخدم كمثل لعدم قدرة الناس على التعامل مع التغيرات السلبية التي تحدث ببطء وبشكل غير ملحوظ. من ناحية الدقة العلمية فقد قام بعض علماء الأحياء المعاصرين بدراسة هذه القصة ووجدوا أن الضفدع الموضوع في الماء سيحس بالخطر عندما يصبح الماء حارًا جداً وسيقفز منه” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/الضفدع_المغلي
المصدر الرئيس: