لماذا لا تعتبر لقاحات الرنا المرسال علاجات جينية – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Why mRNA vaccines aren’t gene therapies

دحضنا  أسطورة أخرى من أساطير كوفيد-19 – هذه المرة بشأن كيفية عمل لقاحات الرنا المرسال – في آخر منشور على مدونتنا

news.mit.edu

قدم له وراجعه غسان علي بوخمسين، صيدلاني أول في مستشفى جونز هوبكنز

مقدمة غسان بو خمسين:

وباء المعلومات: الوباء الخطير الذي لم يُطوَّر لقاح ضده

تفشّي وباء الكورونا كان مصحوبًا بتفشٍّ لوباء خطير آخر وهو وباء المعلومات (infodemic)، والّذي انتشر ليس فقط من خلال شبكات التّواصل الاجتماعيّ، بل أيضًا من خلال وسائل الإعلام.

صاحب انتشار فيروس الكورونا سارس-كوف-2، الّذي أصبح جائحة عالميةً، إلى انتشار سريع لوباء المعلومات، جائحة المعلومات الكاذبة والمضلّلة والمدمرة.

يبدو أنّ نشر المعلومات غير الموثوقة أو المغلوطة أو المكذوبة لم يكن وليد اللحظة، بل ربما كان موجودًا من فجر التاريخ.  ربما لا يخلو الغرض الأبرز من نشرها من أهداف استغلال اقتصاديّة ونزعوية سلطوية.

ناشرو الأخبار المضللة في عصرنا يعتمدون إلى حدّ كبير على الإنترنت، أظهرت دراسة نُشرت في عام 2018 أنّ احتمال التغريد بالأخبار المضللة (عبر تويتر) أعلى ب %70 من التغريد بأخبار صادقة. غالبًا ما تحتوي القصص المزيّفة على معلومات حديثة أكثر من القصص الصادقة، ولذلك لها تأثير نفسي أكثر واحتمال الاستجابة لها والتفاعل معها أعلى، وبالتالي انتشارها عبر وسائل التواصل تكون أسرع. وما يزيد الطين بلة ويساعد على انتشارها بشكل تفضيلي هي خوارزميّات الذكاء الاصطناعي.

يعتبر عدم اليقين والقلق المصاحبين لجائحة كورونا أداتين فاعلتين يستغلهما ناشرو المعلومات المضللة، حيث يعمدون إلى تحريف بعض المعلومات لمصلحتهم.، الأمر الذي يعرّض حياة الناس للخطر، حيث يصعب عليهم مواجهة الجائحة والحفاظ على الصّحّة العامّة. وقد يقع أكثر الناس، وخاصة كبار السن،  في فخّ هذه المعلومات المضللة.

قد تحمينا المعرفة أحيانًا من الوقوع في فخّ الأضاليل، ولكن في المواضيع الّتي تظهر فيها بقوة الانقسامات والتوجهات، كالاستقطاب السّياسي أو الدّينيّ، فإننا قد نجد أنه حتى المعرفة تُغفل أو تُحيد وتسود بدلها أنواع التحيزات المعروفة. لذلك، تتطلّب محاربة  المعلومات المضللة جهدًا كبيرًا، وتحتاج إلى توفير أدوات معرفية وتوعوية أقوى للمساعدة في التّغلب على هذه التحيزات.

المعلومات المضللة التي أثيرت حول لقاحات كورونا المعتمدة الرنا المرسال (mRNA). بكونه نوعًا من العلاج الجيني ، أقنعت كثيرًا من الناس بالاعتقاد أنه سيؤثر على جيناتنا ويغيرها، ولذا امتنع الكثير منهم من تلقي التطعيمات المعتمدة عليه.

المقال المترجم بين أيدينا يهدف إلى مكافحة هذا النوع من وباء المعلومات، ويسعى لإيضاح الفرق بين نوعي اللقاحات، بأسلوب علمي مبسط يفهمه القارئ غير المتخصص، ويسعى كذلك لرفع مستوى الوعي العلمي عموماً بإيضاح الفرق بين العلاج الجيني والتقنية الجديدة القائمة على الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA).

( الموضوع المترجم ) 

مع استمرار الناس في المملكة المتحدة في تلقي لقاحات كوفيد-19 ، فإن الموضوع عن كيف ولماذا هذه اللقاحات يجري مناقشته بشكل واسع عبر الإنترنت. بعض الناس يروجون لفكرة أن لقاحات الحمض النووي الريبي (الرنا RNA) – بما فيها لقاحات فايزر – بايونتيك (Pfizer-BioNTech) المعتمدة في المملكة المتحدة ولقاح موديرنا (Moderna) – هي شكل من أشكال العلاج الجيني، لكن هذا الادعاء ليس دقيقًا.

تابع القراءة بينما نفكك العلم حتى نعرف الحقيقة التي وراء هذه الأسطورة.

الحمض النووي الريبي (الرنا RNA): نظرة عن كثب

الحمض النووي الريبي (الرنا) له علاقة وثيقة بالحمض النووي (الدنا DNA) ويؤدي وظائف مختلفة ولكنها هامة بنفس القدر. في حين تُخزّن معلوماتنا الجينية (1) كحمض نووي (DNA) في نواة الخلية، يعمل الحمض النووي الريبي (RNA) كوسيط ، مما يسمح لعملية التعبير الجيني في الحدوث [وهو عملية يجري فيها تحويل التعليمات في الحمض النووي (DNA) الى منتج وظيفي، مثل البروتين (2).

عندما تتم عملية التعبير الجيني ، تتم عملية نسخه في الحمض النووي الريبي (الرنا RNA). يُعرف هذا باسم الحمض النووي الريبي المرسال (الرنا المرسال mRNA) – وهو النوع المستخدم في لقاحي فايزر (Pfizer) وموديرنا (Moderna). ينتقل الرنا المرسال من نواة الخلية لاستخدامه كقالب لتخليق البروتين. بمجرد تخليق البروتين ، تتم عملية تحلل (تكسر) الرنا المرسال.

إذن كيف تعمل لقاحات الرنا المرسال بالضبط؟

كيف تعمل اللقاحات

تعمل جميع لقاحات كوفيد-19 المعتمدة في المملكة المتحدة بتقديم بروتين واحد يظهر على سطح فيروس سارس-كوف-2 – المعروف باسم “الحسكات البروتينية” – إلى الجهاز المناعي للجسم.

هذا يسمح للجسم بتخليق أجسام مضادة للبروتين ، بحيث إذا واجه جسم الشخص نفس البروتين مرة أخرى (لا سيما عندما يصاب بالفيروس) ، يمكن لجهاز المناعة أن يستجيب بسرعة كبيرة. تحاكي هذه العملية الطريقة التي تستجيب بها أجسامنا للعديد من الإصابات التي قد نتعرض لها بشكل طبيعي.

على الرغم من أن جميع اللقاحات تعمل باستغلال الحسكات البروتينية، إلا أن طريقة عمل هاذين اللقاحين مختلفة.

يستخدم لقاحا فايزر وموديرنا المعتمدين على الرنا المرسال مقاربة مختلفةً. بدل أن يحتوي اللقاح على البروتين نفسه ، فإنه يحتوي على تعليمات بشأن كيف يخلّق البروتين، حتى تتمكن الخلايا في أجسامنا من تصنيعه.

الرنا المرسال يعبأ في كبسولة تسمى الجسيمات النانوية الدهنية (3)، والتي تعمل كوسيلة توصيل للسماح للرنا المرسال (mRNA) بالدخول بأمان إلى خلايا الجسم. من هناك ، يتم التعامل معه كما يتعامل مع أي شيء آخر – وتستخدمه الخلايا كقالب لبناء البروتين ثم يتحلل. بعد أن تنتج الخلية الملقحة الحسكات البروتينية، فإنها تسبب استجابة مناعية بنفس الطريقة التي تسببها اللقاحات التقليدية.

Illustration of messenger RNA (red) produced from a DNA strand (purple). Credit: Juan Gaertner/SPL

نظرًا لأن الرنا المرسال يتحلل (يتكسر) بعد استخدامه [في عملية التخليق]، فإن الرنا (RNA) من اللقاح لا يبقى في الخلايا. من المفيد أن تعتبر لقاح الرنا المرسال كمجموعة تعليمات صالحة لمرة واحدة ثم “ينساها” الجسم، وهذا يختلف تمامًا عن كيفية عمل العلاجات الجينية..

العلاجات الجينية مقابل علاجات الرنا المرسال

تتضمن العلاجات الجينية إجراء تغييرات مقصودة للحمض النووي (الدنا) للمريض من أجل علاج حالة جينية (الحالة الناتجة عن وجود متحورات في الجينوم، بحسب 4) أو التخفيف منها. يمكن أن يكون هذا عن طريق إضافة نسخة جين وظيفية، مما يعيق الجين والذي ينتج منتجًا معيبًا أو يغير  تنشيط الجين.

الرنا المرسال من اللقاحات لا يدخل إلى نواة الخلية أو يتفاعل مع الحمض النووي (الدنا) على الإطلاق ، لذلك فهو لا يحوي على علاج جيني.

يمكن أن يكون للعلاجات الجينية تأثيرات طويلة الأمد لأنها تغير الدنا للخلية بشكل دائم ، حيث يتم توريث هذه التغييرات بواسطة أي خلايا وليدة (5) ناتجة من حالة انقسام خلية ما. في المقابل ، الرنا المرسال دائمًا ما يكون عابرًا ولا يُورث من قبل الخلايا الوليدة، مما يجعله مثاليًا للاستخدام في اللقاحات.

على الرغم من أن علاجات الرنا المرسال كانت موضوعًا للتجارب السريرية لسنوات عديدة ، فإن دورها في مكافحة كوفيد-19 قد أدى فقط إلى تسريع الاهتمام بفائدتها في مكافحة حالات الأمراض الأخرى ، بما في ذلك الأمراض النادرة والسرطان (6).

مزيد من المعلومات عن قوة وامكانية الرنا المرسال في هذا المقال: علاجات الحمض النووي الريبي موضحة (7).

مصادر من داخل وخارج النص:
1-  المعلومات الجينية / الوراثية (Genetic information) عي المعلومات البيولوجية الموروثة المشفرة في تسلسل نيوكليوتيدات الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي، كما هو الحال في الكروموسومات أو في البلازميدات” ترجمناها من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.yourgenome.org/facts/what-is-gene-expression
2- https://www.genomicseducation.hee.nhs.uk/glossary/genetic-condition/
3- https://www.nature.com/articles/s41578-021-00281-4
4- https://www.genomicseducation.hee.nhs.uk/glossary/genetic-condition/
5- https://www.genomicseducation.hee.nhs.uk/glossary/daughter-cells/
6- https://www.sciencemag.org/news/2020/12/messenger-rna-gave-us-covid-19-vaccine-will-it-treat-diseases-too
7- https://www.nature.com/articles/d41586-019-03068-4

المصدر:
https://www.genomicseducation.hee.nhs.uk/blog/why-mrna-vaccines-arent-gene-therapies

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *