الجيولوجيا تساعد على استقصاء تكوّن حصوات الكلى من حجم مجهري إلى حصوة مؤلمة – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Geology helps map kidney stone formation from tiny to troublesome
(بقلم: ليز اهلبرج تاتشستون، محررة في العلوم الطبية الحيوية)

تُقدم تنكلوجيا المجهر (الميكرسكوب) المتقدم والعلوم الجيولوجية المتطورة وجهات نظر جديدة لأحجية طبية قديمة: كيف تتكون حصوات الكلى، ولماذا بعض الناس أكثر عرضة لها وهل يمكن الوقاية منها؟

في ورقة بحثية جديدة نُشرت في مجلة (Nature Reviews Urology) (انظر 1)، باحثون من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين ومايو كلينك وغيرهم من المتعاونين وصفوا الطبيعة الجيولوجية لحصوات الكلى، وحددوا قوس تكوّنها، ووضعوا خطة تصنيف جديدة واقترحوا إمكانية تدخلات سريرية.

“إن عملية تكوّن حصوات الكلى هي جزء من العملية الطبيعية لتكوّن الصخور التي نشاهدها في جميع أنحاء الطبيعة” ، كما قال بروس فوك (Bruce Fouke) برفسور الجيولوجيا في جامعة إلينوي: “نحن نجمع بين الجيولوجيا وعلم الأحياء والطب لاستقصاء عملية تكوّن حصوات الكلى بأكملها، خطوة بخطوة. مع وجود خريطة الطريق هذه في متناول اليد، يمكن الآن تطوير تدخلات وعلاجات سريرية أكثر فعالية واستهدافًا”.

تعد حصوات الكلى مشكلة مؤلمة تصيب شخصًا من كل 10 بالغين خلال الحياة وترسل نصف مليون شخص في الولايات المتحدة إلى غرف الطوارئ كل عام، وفقًا لمؤسسة الكلى الوطنية. ومع ذلك، لا يُعرف الكثير عن الجيولوجيا الكامنة وراء تكوّن حصوات الكلى ، على حد قول فوك.

تسلسل الطبقات (استتغرافية) تسجل الترتيب الذي تبدأ فيه حصوات الكلى بالنمو والذوبان.

وجدت الدراسة السابقة من مجموعة فوك (Fouke) أن حصوات الكلى تتكون بنفس الطريقة التي تتكون بها الصخور الجيولوجية في الطبيعة: فبدلاً من تبلورها بكاملها مرة واحدة ، تنحل / تذوب (dissolve) جزئيًا وتعيد تكوّنها / تشكّلها عدة مرات، وهذا عكس ما يعتقده الأطباء بأنها تتكوُن فجأة وبشكل تام.

في الدراسة الجديدة، فريق البحث – الذي شكلته مايو كلينك (Mayo Clinic) وتحالف إلينوي للرعاية الصحية القائمة على التكنولوجيا (2) – وصف بالتفصيل المراحل / الأطوار المتعددة التي تمر بها حصوات الكلى  من التكوّن والذوبان وإعادة التكوّن، كما وثقوها باستخدام تقنيات التصوير عالية الدقة. النتائج تتحدى طرق التصنيف المألوفة التي يستخدمها الأطباء، والتي تستند إلى تحليلات اجمالية (bulk analyses) لنوع المعدن والموقع المفترض لتكوّن الحصوة في الكلى. وبدلاً من ذلك، طور الباحثون مخطط تصنيف جديد يعتمد على أي مرحلة من المراحل وصل اليها تكوّن الحصوة وأي عملية من العمليات الكيميائية التي تخضع لها في ذلك الأثناء.

“إذا تمكنا من تحديد هذه التحولات الطورية (phase)، وما الذي يؤدي إلى تتابع خطوات العملية التحولية الواحدة تلو الأخرى لتكوِّن الحصوات وكيف تتالى حتى تتم عملية تكوِّنها، فربما يمكننا التدخل خلال هذه العملية التتابعية وإيقاف سلسلة التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل أنسجة الكلى قبل أن تسبب الحصوات مشكلة” ، كما قال مياندي سيڤغورو (Mayandi Sivaguru) ، المؤلف الرئيسي للدراسة ومساعد مدير المرافق الأساسية في معهد (Carl R. Woese) لبيولوجيا الجينوم في جامعة إلينوي.

أحد النتائج الاستكشافية بشكل خاص كانت في بدايات تكوّن حصوات الكلى: تبدأ الحصوات على شكل كريات مكيروية (كريات متناهية في الصغر / مايكروسفير microspherules)، أو قطرات معدنية صغيرة، والتي تندمج معًا لتكوّن بلورات بحجم أكبر في أنحاء أنسجة الكلى. عادة ما يتم التخلص منها مع البول، ولكن عندما تندمج معًا لتكوّن حصوات بحجم أكبر تستمر في النمو، يمكن أن تصبح مؤلمة بشكل لا يطاق وقد تكون مميتة في بعض الحالات ، كما قال فوك.

تندمج الكريات المجهرية المعدنية معًا لتشكل طبقات بلورية متصلة داخل حصوات الكلى البشرية. هذه تشبه الكريات المتكونة في حجر العقيق ضمن رواسب الصخور البركانية الطبيعية.

“يُعتبر تكوّّن الحصوات جزءًا من عملية طبيعية وصحية داخل الكلى حيث تُنقل هذه الرواسب المعدنية الصغيرة بعيدًا عن الكلى وتُخرج في النهاية من الجسم” ، كما يقول فوك. “ولكن بعد ذلك تحدث هناك نقطة تحول حين تبدأ تلك الرواسب المعدنية نفسها في النمو معًا (تكبر في الحجم) بسرعة كبيرة جدًا وتصبح غير قادرة ماديًا على ترك الكلى”.

عندما تمر الحصوة بعملية التكوّن، المزيد من الكريات الميكروية (microspherules) تندمج معًا وتفقد شكلها المستدير وتتحول إلى بلورات هندسية بما في الكلمة من معنى ذات حجم أكبر بكثير. ووجد الباحثون أن الحصوات تمر عبر دورات متعددة من الذوبان الجزئي – حيث تتخلص حتى من 50٪ من حجمها – ثم تنمو / تكبر مرة أخرى ، مما يخلق نمطًا مميزًا من طبقات بلورية تشبه إلى حد كبير بلورات العقيق والشعاب المرجانية ورواسب الينابيع الحارة التي نشاهدها في أنحاء العالم.

“لو أخذت نظرة على المقطع العرضي لحصوات الكلى، فلن يخطر على بالك أبدًا أن كل طبقة بلورية من هذه الطبقات كانت في الأصل عبارة عن مجموعة من كريات صغيرة جدًا تصطف وتندمج معًا. هذه طرق جديدة ثورية لنفهم كيف تكبر هذه المعادن داخل الكلى وتزودنا بأهداف معينة لمنع نمو هذه الحصوات” ، كما قال فوك.

حدد مؤلفو الدراسة العديد من التدخلات السريرية المحتملة وأهداف علاجية بناءً على هذه المعرفة الواسعة بتكوّن حصوات الكلى. يأمل المؤلفون أن يتمكن الباحثون والأطباء من استكشاف واختبار هذه الخيارات العلاجية، المتكونة من أهداف دوائية إلى تغييرات في النظام الغذائي أو المكملات الغذائية التي يمكن أن تعطل سلسلة التفاعلات الكيميائية والبيولوجية التي تؤدي إلى تكوّن حصوات الكلى.

للمساعدة في هذا الاختبار، طورت مجموعة فوك جهاز كاتريدج (cartridge) جيوبايوسيل (GeoBioCell) ، وهو كارتدريج سوائل ميكروية / مجهرية (ميكروفلويد microfluidic) مصمم ليحاكي البنيويات الداخلية المعقدة للكلى. تأمل المجموعة أن يتمكن الجهاز ليس فقط من تسريع البحث، ولكن أيضًا التسريع من الاختبارات التشخيصية السريرية وتقييم العلاجات المحتملة، خاصة لأكثر من 70٪ من مرضى حصوات الكلى الذين يعانون من حصوات متكررة التكوّن.

“في النهاية، رؤيتنا تتمثل في أن يكون في كل غرفة من غرف العمليات مختبر جيولوجي صغير مرفق بها. في هذا المختبر، يمكن إجراء تشخيص سريع للغاية على الحصوة أو شظية منها  في غضون دقائق، وإبلاغ المريض بأهداف العلاج المشخصن (المصمم خصيصًا لعلاج  مريض معين)”.

شاهد الڤيديو: 

مصادر من داخل النص:

1- https://www.nature.com/articles/s41585-021-00469-x?utm_source=feedburner&utm_medium=feed&utm_campaign=Feed%3A+nrurol%2Frss%2Fcurrent+%28Nature+Reviews+Urology+-+Issue%29

2- https://mayoillinois.org/

المصدر:

https://news.illinois.edu/view/6367/755596851

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *