Study offers earliest evidence of humans changing ecosystems with fire
(بقلم: مايك كامينغز – Mike Cummings)
مراجعة: عادل عبدالله البشراوي، باحث في الانسان القديم
القدرة على التحكم في النار قد أعطت الإنسان القدرة على الهيمنة على العالم الطبيعي. دراسة بقيادة جامعة ييل تزودنا بأقدم دليلًا حتى الآن على قيام البشر القدماء بتغيير كبير في النظم الايكلوجية بأكملها من جراء استخدامهم للنار.
الدراسة، التي نُشرت في 5 مايو في مجلة تُقدم العلوم ساينس أدڤانسيز (Science Advances، انظر 1). قد جمعت بين الأدلة الأثرية – وهي مجموعات كثيفة من القطع الأثرية الحجرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل 92 ألف سنة – وبين بيانات البيئة القديمة على الشواطئ الشمالية لبحيرة ملاوي في شرق إفريقيا لتوثيق بأن البشر الأوائل كانوا مهندسو النظام الإيكولوجي. استخدموا النار بطريقة حالت دون نمو غابات المنطقة من جديد، مما أدى إلى غابات مترامية الأطراف (bushland) موجودة في وقتنا الحالي.
قالت جيسيكا طومسون (Jessica Thompson)، الأستاذة المساعدة في الأنثروبولوجيا في كلية الآداب والعلوم والمؤلفة الرئيسية للورقة البحثية (1): “هذا هو أول دليل رأيته على قيام البشر بتحويل نظامهم الايكلوجيي بشكل أساسي باستخدام النار”. “هذه الأدلة تشير إلى أنه بحلول أواخر العصر البليستوسيني الحديث (2)، كان البشر يتعلمون استخدام النار بطرق جديدة حقيقية. في هذه الحالة، تسببت الحرائق التي افتعلوها في استبدال غابات المنطقة بالأراضي الحرجية المفتوحة التي نراها اليوم”.
شاهد الفيديو:
قامت طومسون بنشر الدراسة مع 27 زميلًا من مؤسسات في الولايات المتحدة وإفريقيا وأوروبا وآسيا وأستراليا. قادت طومسون البحث الأثري بالتعاون مع إدارة المتاحف والآثار في ملاوي ؛ ومع ديفيد رايت (Wright) من جامعة أوسلو ، الذي قاد جهود تزمين المواقع الأثرية التي غطتها الدراسة؛ وسارة إيڤوري (Ivory) من جامعة ولاية بنسلفانيا، التي قادت تحليلات البيئة القديمة.
القطع الأثرية التي فحصها الباحثون هي من النوع الذي انتجت في كل إفريقيا في العصر الحجري الأوسط، وهي فترة يعود تاريخها إلى 315 ألف سنة على الأقل. أوائل البشر المعاصرين ظهروا خلال هذه الفترة، حيث بيّن السجل الأثري الأفريقي تطورات كبيرة في التعقيد الادراكي والاجتماعي.
سجلت طومسون ورايت عدة مواسم ميدانية للأبحاث الأثرية في المنطقة قبل أن تساعدهم المناقشة مع آيڤوري (Ivory) على فهم الأتجاهات / الأنماط التي لاحظوها في بياناتهم. اكتشف الباحثون أن السجل الأثري المحلي، وتغيراته الايكلوجية، وتطور مراوح الطمي (3) بالقرب من بحيرة ملاوي – وهي تراكم رواسب انجرفت من مرتفعات المنطقة – تعود (زُمنت) إلى نفس الفترة الأصلية ، مما يشير إلى أنها كانت متصلة ببعضها البعض.
تقلبت مستويات الماء نزولًا وصعودًا في بحيرة ملاوي بشكل كبير على مر العصور. خلال الفترات الأكثر جفافًا للبحيرة، والتي انتهى آخرها منذ حوالي 85 ألف سنة، تقلصت البحيرة إلى مسطحين صغيرين من المياه المالحة. تعافت البحيرة من فترة الجفاف واستعادت مستواها من المياه السابقة وامتدت مساحتها وظلت مستوياتها من المياه مرتفعة منذ ذلك الحين ، وفقًا للدراسة.
جمعت البيانات الأثرية من أكثر من 100 حفرة حفرت على طول مسافة بلغت مئات الكيلومترات من المروحة الطميية (3) التي ظهرت خلال هذه الفترة من مستويات المياه الثابتة في البحيرة. بيانات البيئة القديمة اعتمدت على أعداد حبوب اللقاح والفحم التي استقرت على أرضية قاع البحيرة وأُخذت لاحقًا منها عينات اسطوانية طويلة من الرواسب حفرت من على ظهر مركِب معدل للغرض.
وفقًا للباحثين ، كشفت البيانات عن حدوث ارتفاع مفاجئ في تراكم الفحم قبل وقت قصير من ثبات (flattening) ثراء الأنواع في المنطقة – أي استقرار في عدد الأنواع المميزة التي تعيش فيها. ووجدت الدراسة أنه على الرغم من المستويات المائية المرتفعة باستمرار للبحيرات ، والتي تنطوي على قدر أكبر من الاستقرار في النظام الايكلوجي ، إلا أن ثراء الأنواع أصبح مستقرًا بعد فترة الجفاف الأخيرة بناءً على معلومات من حبوب اللقاح المتحجرة المأخوذة كعينات من قاع البحيرة. كان هذا غير متوقع لأنه على مدار الدورات المناخية السابقة، أنتجت البيئات غابات هيأت مأوىً غنيًا لوفرة الأنواع، كما أوضحت إيڤوري.
وقالت إن حبوب اللقاح التي نراها في هذه الفترة الأخيرة من فترة المناخ المستقر مختلفة تمامًا عن ذي قبل. “على وجه التحديد ، لم تعد الأشجار التي تدل على ظلة (4) الغابة الكثيفة والمعقدة هيكليًا شائعة واستُبدلت بحبوب لقاح من نباتات تتعامل بشكل جيد مع الحرائق واضطرابات البيئة المتكررة”.
خلص الباحثون إلى أن الزيادة في عدد المواقع الأثرية بعد فترة الجفاف الأخيرة، مقترنة بارتفاع الفحم وغياب الغابات، تدل على أن الناس كانوا يؤثرون في النظام الايكلوجي من جراء استخدامهم للنار . حجم تأثيرهم البيئي على المدى الطويل هو أمر مرتبط عادة بالمزارعين والرعاة ، وليس بالصيادين – الجامعين. هذا يشير إلى أن التأثير / التلاعب الايكلوجي المبكر هو بنفس تأثير الناس المعاصرين، وقد يفسر أيضًا لماذا تكون السجل الأثري.
أوضح الباحثون أن الحرائق المقترنة بتغيرات مناخية خلقت ظروفًا اخذت الحفاظ على ملايين القطع الأثرية في المنطقة بعين الاعتبار. “تتدحرج الأتربة على المنحدرات ما لم يكن هناك ما يوقفها” ، كما قال رايت. “تخلص من الأشجار، وعندما تمطر ، ستجد هناك الكثير من الأتربة قد تدحرجت إلى أسفل التلال في هذه البيئة”.
لاحظ الباحثون أن التحولات السابقة من ظروف الجفاف إلى الظروف المطيرة في المنطقة لم تسفر عن مروحة طميية مماثلة ولم يسبقها نفس الارتفاع في مستوى الفحم.
قالت طومسون إنه ليس من الواضح لماذا حرق الناس المعالم الطبيعية. من المحتمل أنهم كانوا يجربون الحرائق المسيطر عليها لإنتاج موائل فسيفسائية تفضي إلى الصيد والتجميع، وهو سلوك موثق بين الصيادين – الجامعين. وأوضحت أنه يمكن أن تكون حرائقهم قد خرجت عن نطاق السيطرة ، أو أن هناك الكثير من الناس يحرقون الوقود في بيئتهم من أجل التدفئة أو الطهي أو اضفاء طابع اجتماعي.
“بطريقة أو بأخرى ، سبب هذا التغير الايكلوجي هو النشاط البشري”. “هذا يثبت أن الناس الأوائل، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، تحكموا في بيئتهم، لا العكس. لقد غيروا المعالم الطبيعية بأكملها، سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ ، تستمر هذه العلاقة مع بيئاتنا الحالية”.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://advances.sciencemag.org/content/7/19/eabf9776
2- “البليستوسيني أو العصر الحديث الأقرب[1] (Pleistocene) وغالبا ما يشار إليه بـ “العصر الجليدي أو العصر البليستوسيني“ هي حقبة أو فترة زمنية من عمر كوكب الأرض بدأت قبل 2,588 مليون سنة وامتدت حتى سنة 11 ألف و700 سنة مضت (ق.ح). يطلق على هذه الحقبة أيضا اسم “العصر الجليدي” وذلك لأن أجزاء كبيرة من كوكب الأرض كانت مغطاه بالأنهار والصفائح الجليدية في ذلك الوقت”. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/العصر_الحديث_الأقرب
3- “المروحة الطميية أو المروحة الفيضية، هي راسب على شكل مروحي يتكون عندما تنساب المجاري المائية في الأودية الضيقة شديدة الانحدار، ثم تنبثق فجأة إلى الوديان المنبسطة القاع أو المناطق السهلية، فإنه يحدث تغير في الظروف عند مقدمة الجبل وتترسب على امتداد هذه المقدمة كميات كبيرة من الرواسب على هيئة تراكمات مروحية أو مخروطية الشكل”. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/مروحة_طميية
4- “الظلة في علم البيئة، وعلم النبات ،وعلم الغابات، والزراعة، الظلة (Canopy) هي جزء من مجتمع النباتأو المحاصيل التي شكلت من قبل رؤوس النباتات وهذا الجزء لا يمس الأرض. بالنسبة لعلم الغابات يشير أيضا هذا المصطلح إلى الطبقة العليا من الغابات أو منطقة الموائل التي شكلت من تاج الشجرة العملاقة وغيرها من الأحياء بما فيها النباتات العالقة، والمتسلقة، الحيوانات الشجرية، الخ.. ، ويستخدم هذا المصطلح أحيانا للإشارة إلى امتداد الطبقة الخارجية من الشجرة أو مجموعة الأشجار الظلية الكثيفة. وعادة ما تمتلك الاشجار الظلية ظلة كثيفة تحجب الضوء عن النباتات التي تنمو في القسم السفلي من التربة”. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ظلة
المصدر:
https://news.yale.edu/2021/05/05/study-offers-earliest-evidence-humans-changing-ecosystems-fire